کد مطلب:281453 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:190

من أین تنطلق نهضة الإمام؟
من أین ینطلق الإمام؟ هل من مكة المكرمة أم من الكوفة (العراق)؟ أم من المشرق؟ إن الشائع لدی الناس خروج الإمام من مكة المكرمة حسب بیان بعض الروایات ولكن هناك فی المقابل روایات أخری عن أهل البیت علیهما السلام تتحدث عن الانطلاقة من المشرق ومن ثم الخروج من الكوفة أو إن الانطلاق من مكة المكرمة والخروج من الكوفة وقد ورد العدید من الروایات بهذا الخصوص وإلیك بعضها:

1- كأنی بالقائم علی نجف الكوفة قد سار إلیها من مكة فی خمسة آلاف من الملائكة, جبرائیل عن یمینه ومیكائیل عن شماله, والمؤمنون بین یدیه, وهو یفرق الجنود فی البلاد-.

2- عن الصادق علیه السلام قال: - یا أبا حمزة, كأنی بقائم أهل بیتی قد علا نجفكم, فإذا علا فوق نجفكم نشر رایة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم , فإذا نشرها انحطت علیه ملائكة بدر-.

3- عن ابن مسعود عن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم: - وإن أهل بیتی سیلقون بعدی بلاء وتطریداً وتشریداً حتی یجیء قوم من ها هنا -وأشار بیده إلی المشرق- أصحاب رایات سود، یسألون الحق فلا یعطونه -حتی أعادها ثلاثاً- فیقاتلون فینصرون.. فمن أدركه منكم فلیأته ولو حبواً علی الثلج...-.

4- عن ثوبان عن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم: - إذا رأیتم الرایات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبواً علی الثلج فإن فیها خلیفة الله المهدی-.

5- عن الإمام السجاد علیه السلام: -... كأنی بصاحبكم قد علا نجفكم بظهر كوفان فی ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً جبرئیل عن یمینه ومیكائیل عن شماله وإسرافیل أمامه، مع رایة رسول الله...-.

6- عن أبی بكر الحضرمی عن الإمام الباقر علیه السلام، فی حدیث یمتدح فیه الكوفة، وجاء فی جانب منه: -... ومنها یظهر عدل الله وفیها یكون قائمه والقوّام من بعده...-.

7- وعن الإمام الباقر أیضاً علیه السلام: - كأنی أنظر إلی القائم علیه السلام قد ظهر علی نجف الكوفة فإذا ظهر علی النجف نشر رایة رسول الله...-.

8- عن الإمام الصادق علیه السلام فی حدیث طویل: -... كأنی انظر إلی القائم وأصحابه فی نجف الكوفة...-.

9- وروی فی یوم الخلاص: - ینزل القائم یوم الرجفة بسبع قباب من نور ولا یُعلم فی أیها هو حتی ینزل الكوفة-.

10- وروی فی الكافی خطبة لأمیر المؤمنین علیه السلام، جاء فی ختامها: -... وأعلموا أنكم إن اتبعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج الرسول صلی الله علیه و آله و سلم...-.

ویری البعض أن هذه الروایات أقرب إلی الواقع من تلك التی تتحدث عن الخروج من مكة المكرمة , لأن أكثر الموالین لأهل البیت متواجدون فی العراق وفی مشرق الحجاز والعراق وأكثرهم شوقاً وانتظاراً لخروجه المبارك بخلاف مكة المكرمة فأكثر المتواجدین فیها من المخالفین لمذهب أهل البیت علیه السلام. وبما أن الإمام المهدی علیه السلام هو من الذریة الطاهرة من سلالة الرسول الأكرم فهو بلا شك أكثر ارتباطاً ومحبة لشیعتهم الأبرار.

وهذا لا یعنی أن كل المنتمین لمذهب أهل البیت والذین یدّعون التشیَّع، بینما أعمال البعض منهم مخالفة للإسلام، وللرسول ولأهل البیت الأطهار یؤمنون بالإمام المهدی، بل قسم منهم یخالفون الإمام ویحاربونه ویتهمونه بالكذب، والافتراء وینفون عنه الإمامة والمهدویة، رغم ما یقدم الإمام لهم من المعاجز والآیات والبینات ولذا فالإمام یجرد سیفه ویقاتلهم ویقتل منهم عدداً كبیراً حسبما جاء فی بعض الروایات.

ولكن علی الرغم من هذه المخالفة والمحاربة من بعض المدعین للولاء إلا أن الذین تمسكوا بأهل البیت حقا وآمنوا بإمامتهم قولاً وفعلاً هم من الأوائل الذین یستجیبون لنداء الإمام المهدی علیه السلام ویسلمون الأمر إلیه ویستجیبون لندائه وبالأخص من الشعب العراقی.

والمعروف لدی الجمیع أن ولادة الإمام فی أرض العراق فهو عراقی المولد والمنشأ وإن كان حجازی الأصل.. بل قد یكون عراقی اللهجة أیضاً وهذا بحد ذاته بشارة عظیمة لأهل العراق الذین عانوا أشد أنواع الاضطهاد والظلم من طواغیت عصرهم، لم یشهد بمثله شعب آخر فی القرن العشرین، ولذا فإن الله عز وجل یسعفهم بأعظم شخصیة ربانیة علی وجه الأرض لیحقق العدالة والمساواة علی أرجاء المعمورة. ولیس ببعید أن یكون الشعب العراقی الذی عانی من التشرید، والغربة، فی أنحاء العالم یكونون دعاة للإمام المهدی وفی یوم ظهوره یكونون سفرائه فی مختلف الأقطار والبلدان. ولیس قولنا هذا حصرُ للقضیة المهدویة فی خانة العراق، بقدر ما هو بیان عن حمل قسم من الشعب العراقی رایة الإمام الحجة علیه السلام ومعرفة قدرهم, وهی مع ذلك مسؤولیة عظیمة ملقات علی عاتق جمیع الشعوب الإسلامیة المؤمنة بالإمام المهدی و بالأخص الشعب الإیرانی المسلم والشعوب العربیة والآسویة حیث جاء فی حدیث عن أمیر المؤمنین علیه السلام: - لیخرجن رجلٌ من ولدی، عند اقتراب الساعة، حتی تموت قلوب المؤمنین كما تموت الأبدان، لما لحقهم من الضر والشدِّة فی الجُوع والقتل، وتواتُر الفتن والملاحم العظام، وإمَاتَةِ السُّنن، وإحیاء البِدع، وتركِ الأمر بالمعروف والنهی عن المنكر فیحیی الله (ب) المهدی السُّنن التی قدم أمیتت، ویسر بعدله وبركته قلوب المؤمنین، وتتألف إلیه عصب من العجم وقبائل من العرب...-.

كما أن هذا لیس بمعنی أن جمیع أفراد الشعب العراقی ینظوون تحت رایة الإمام المهدی علیه السلام بل فی داخل العراق فئات وجماعات حقودة وظالمة تخرج علی الإمام وتحاربه تلبس مسوح الإیمان والتدین وتحارب الدین والإسلام الأصیل وهم الخوارج فی آخر الزمان فقد جاء فی الحدیث الشریف عن أبی عبد الله علیه السلام: - یا ابن أبی یعفور هل قرأت القُرآن؟ قال: قلت: نعم، هذه القراءة. قال: عنها سألتك لیس عن غیرها. قال: فقلت: نعم جعلت فداك، ولم؟ قال: لأن موسی علیه السلام حدث قومه بحدیث لم یحتملوه عنه فخرجوا علیه بمصر، فقاتلوه، فقاتلهم، فقتلهم؛ ولأن عیسی علیه السلام حدّث قومه بحدیث فلم یحتملوه عنه فخرجوا علیه بتكریت فقاتلوه، فقاتلهم، فقتلهم؛ وهو قول الله عز وجل: (فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَیَّدْنَا الَّذِینَ آَمَنُوا عَلَی عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِینَ) (الصف،14)، وإن أول قائم یقوم منا أهل البیت یحدثكم بحدیثٍ لا تحتملونه فتخرجون علیه برمیلة الدسكرة فتقاتلونه، فیقاتلكم وهی آخر خارجة تكون-.

وروی المفید فی الإرشاد عن أبی الجارود عن الإمام الباقر علیه السلام، فی حدیث طویل: -... إذا قام القائم علیه السلام سار إلی الكوفة فیخرج منها بضعة عشر ألف نفس یدعون بالبتریة (بالتبرئة) علیهم السلاح، فیقولون له: ارجع من حیث أتیت فلا حاجة لنا فی بنی فاطمة، فیضع فیهم السیف حتی یأتی علی آخرهم ویدخل الكوفة فیقتل بها كل منافق مرتاب ویهدم قصورها ویقتل مقاتلها حتی یرضی الله عز وجل-.

وروی هذا الحدیث فی أصول الكافی بصیغة أخری، حیث جاء فیه: -... حتی ینزلوا النجف من ظهر الكوفة فیخرج بها بضعة عشر ألفاً یدّعون التَّبرئة منه ویقولون: ارجع من حیث أتیت فلا حاجة لنا فی بنی فاطمة، فیضع فیهم السیف حتی یأتی علی آخرهم فیقتل كل مرتاب ویقتل مقاتلیه، ثم ینزل النجف-.

وهذا لیس مستغرباً، بل إن الروایات تشیر إلی أن المخالفین للحجة علیه السلام یتأولون علیه القرآن ویحتجون به علیه.

وبالرغم من وجود الخوارج المعاندین للإمام المهدی علیه السلام فی أرض الرافدین إلا أن الأكثریة الساحقة تنظوی تحت حكومته العادلة وتقاتل معه عساكر الكفر.

وقضیة الإمام لیست قضیة قومیة أو قطریة أو طائفیة، بل القضیة أساساً إسلامیة وعالمیة فالذین یلتحقون بالإمام المهدی علیه السلام من أبدال الشام ونجباء مصر (وهم الیوم من أهل السنة) وأخیار العراق وعصائب الشرق (إیران وحوالیها وهم الیوم من الشیعة) ومن ثم یذعن للإمام أهل المغرب والنصاری، وأهل المشرق - الصین والروس ومن لف حولهما- حتی ینتشر الإسلام الأصیل علی جمیع أرجاء الكرة الأرضیة فلا تری قریة من قری العالم إلا وهناك مأذنة تكبر لله وتشهد الشهادتین.

وهذا لا یتحقق إلا بعد تطهیر الأرض من براثن الكفر والإلحاد وبعد معارك دامیة مع رؤوس الضلالة والشرك تستمر أكثر من ثمانیة أشهر متواصلة، بید أن هذه المدة لیست طویلة قیاساً بتلك المعارك التی وقعت بین الدول والتی استغرقت أعواماً كثیرة تجاوز بعضها عشرین سنة ولم تحقق أی من أهداف المهاجمین هذا بالنسبة لاحتلال بلد معین فكیف بالسیطرة علی أرجاء المعمورة كلها بهذه المدة القلیلة - ثمان أشهر- تتم السیطرة علی جمیع الدول العربیة ومن ثم بسنین معدودة یمتد سیطرة الإسلام وحكومته إلی أرجاء العالم كله.

ألیست هذه بحد ذاتها معجزة إلهیة وهدایة ربانیة، لم یكن بالإمكان تحقیقها إلا بمعونة غیبیة وبإمداد سماوی من الملائكة المسومین؟

أجل لم یكن بالإمكان تحقیق مثل هذا الانتصار إلا بتدخل سماوی غیبی مباشر حیناً وغیر مباشر حیناً آخر إلا أنه یبقی الافتخار لمن ینال قصب السبق فی الإیمان بالإمام المهدی علیه السلام قبل الآخرین وحمل السیف والقیام بالجهاد والتضحیة و الفداء وهل یستوی الذین آمنوا قبل الفتح والذین آمنوا بعد الفتح؟ كلا فالقرآن الكریم یصرح بوضوح: (لاَ یَسْتَوِی مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَی وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ) (الحدید:10).

تبقی هنا نقطة مهمة، لابد من الإشارة إلیها، وهی إن ما ذكر من موارد وقوع الفتن التی جاءت فی الروایات, ومن خروج الرایات من مناطق مختلفة ومن انطلاق الثورة المباركة من مكة أو المشرق أو من الكوفة تبقی كلها تحت المشیئة الإلهیة. فما شاء الباری سبحانه منه كان وما لم یشأ منه لم یكن، یفعل الله ما یشاء بقدرته ویحكم ما یرید بعزته. هذه حقیقة لا یمكن إنكارها، فلله عز وجل المشیئة والبداء، ذلك ما تحدث عنه أهل البیت علیه السلام:

1- عن أبی عبد الله علیه السلام أنه قال: - إن لله عز وجل علمین؛ علماً مخزوناً مكنوناً لا یعلمه إلا هو من ذلك یكون البداء، وعلماً علمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بیت نبینا یعلمونه...-

2- عن أبی جعفر علیه السلام یقول: - من الأمور أمور محتومة جائیة لا محالة، ومن الأمور أمور موقوفة عند الله یقدم منها ما یشاء، ویمحو ما یشاء، ویثبت ما یشاء، لم یطلع علی ذلك أحد - یعنی الموقوفة - فأما ما جاءت به الرسل فهی كائنة لا یكذب نفسه، ولا نبیه، ولا ملائكته-.

3- وكما یقول أمیر المؤمنین علیه السلام فی إحدی خطبه التی أوردها الكلینی فی الكافی: -... ولیس لأحد علی الله عز ذكره الخیرة بل لله الخیرة والأمر جمیعاً...-.

4- وكما ورد عنه أیضاً علیه السلام فی حدیثه مع الأصبغ بن نباته عن الإمام المهدی عجل الله فرجه الشریف: -... ثم یفعل الله ما یشاء فإن له بداءات وإرادات وغایات ونهایات-.

5- ویقول الإمام الصادق علیه السلام: -... فإذا حدثناكم الحدیث فجاء علی ما حدثناكم (به) فقولوا صدق الله وإذا حدثناكم الحدیث فجاء علی خلاف ما حدثناكم به فقولوا صدق الله تؤجروا مرتین-.

ومعنی هذا أنهم علیهما السلام لا یخبرون ویحدثون كذباً، حاشاهم بل یخبرون عن الله صدقاً، فإذا كان هناك تغییر فیما یقع أو تقدیم أو تأخیر، أو رفع وعدم وقوع لما أخبروا به، فإن ذلك یعود إلی المشیئة الربانیة حیث (یَمْحُوا اللَّهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39)، وكما جاء فی الأحادیث الشریفة فإنه لم یعبد الله ولم یعظم بشیء مثل البداء.

من هنا , فلا یحق لأحد أن یحتّم فی علی القضایا المتعلقة بالإمام بشكل نهائی، ویقول: إن القضیة الفلانیة تقع هكذا وفی المنطقة الكذائیة. وإن كانت فیها أحادیث وروایات وحتی الحتمیات فهی معلقة بالإرادة والمشیئة الإلهیة، ما عدی أصل القضیة وهی خروج الإمام علیه السلام فإن خروجه وعد الهی لرسوله الأكرم بتحقیق ذلك من دون أدنی شك والله لا یخلف المیعاد. هكذا جاءتنا الأحادیث المؤكدة لهذه الحقیقة الحتمیة والوعد الإلهی المبرم.

فقد ورد فی أحادیث شریفة عن الأئمة الأطهار أنه قد یلحق البداء من الله سبحانه بالأخبار الغیبیة حتی ببعض الحوادث والقضایا الحتمیة المتعلقة بقضیة الإمام المهدی علیه السلام، تماماً كما جاء فی هذه الروایة التی أوردها النعمانی عن داود بن القاسم الجعفری قال: كنّا عند أبی جعفر محمد بن علی الرضا علیه السلام فجری ذكر السفیانی وما جاء فی الروایة من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبی جعفر علیه السلام هل یبدو لله فی المحتوم؟ قال: نعم. قلنا له: فنخاف أن یبدو لله فی القائم؟! فقال: إن القائم من المیعاد والله لا یخلف المیعاد-.

وقد قال الإمام الصادق علیه السلام عندما سُئل عن قوله تعالی (یَمْحُوا اللَّهُ مَا یَشَاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) ، قال: - وهل یمحو إلاّ ما كان ثابتاً وهل یثبت إلاّ ما لم یكن-.

ولكن السؤال لماذا إذن ذكرت الأخبار هذه الوقائع التی ربما تحدث قبل وأثناء ظهور الإمام وثورته المباركة؟

فی الحقیقة إن هذه الأمور والأحداث قد تقع بشكل كلی إجمالی لا بشكل تفصیلی دقیق وحتمی بل یمكن أن تتدخل المشیئة الإلهیة لتغییر بعض الأحداث والوقائع وتقدیم وتأخیر الوقائع ومجریات الأمور أو إثبات أو محو ما یشاء منها سبحانه لأنه عز وجل یحكم ما یشاء بقدرته ویفعل ما یرید بعزته، فالمشیئة الإلهیة هی الحاكمة علی الأمور ولیس العكس.

ونحن بانتظار نهضة الإمام لكی یتم والتغییر علی ید رجل عظیم طالما انتظرته الأجیال المؤمنة بفارغ الصبر، فمتی یكون خروجه؟ وكیف یكون قیامه؟ ذلك كله راجع لحكمة الله ومشیئته وقد یكون الأمر أقرب مما نتصوره ألیس كذلك؟. وما ذلك علی الله بعزیز.